الرئيسية / عربي وإقليمي / القمم العربية .. صورة خادعه للترابط والوحدة والتضامن العربي

القمم العربية .. صورة خادعه للترابط والوحدة والتضامن العربي

مع اقتراب موعد انعقاد القمة العربية في دورتها الثامنة والعشرين، خلال مارس المقبل، ظهرت أزمة جديدة في استضافة وتنظيم القمة، حيث اعتذرت اليمن عن استضافتها بسبب ظروفها الداخلية والعدوان السعودي عليها، وبناء على هذا الاعتذار، وافقت الأردن على استضافة القمة، وفقًا لميثاق الجامعة الذي ينص على تناوب أعضاء المجلس على الرئاسة حسب الترتيب الأبجدي لأسماء الدول الأعضاء.
أبلغ نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني ناصر جودة، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أنه عرض الأمر على الملك عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء، وبناء على موافقتهم فإن المملكة توافق على استضافة ورئاسة القمة العربية، وقال جودة، في رسالة إلى أبو الغيط، إنه سيتم التشاور خلال الفترة المقبلة حول الإجراءات والخطوات القادمة لتنسيق موعد انعقاد القمة وتوجيه الدعوات لقادة الدول العربية.
من جانبه، ذكر المتحدث باسم الأمين العام، الوزير المفوض محمود عفيفي، أن أبو الغيط، ثمن الالتزام الكبير والمستمر الذي تبديه الأردن تحت قيادة الملك عبد الله الثاني، من أجل تعزيز العمل العربي المشترك وخدمة قضايا الأمة خاصة خلال المرحلة الحالية التي تشهد العديد من التطورات التي تستلزم العمل على توحيد الجهد العربي لمواجهة التحديات التي تستدعيها هذه التطورات.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تواجه القمة العربية أزمة في مكان استضافتها وتنظيمها، فإذا كانت اليمن اعتذرت عن تنظيم القمة لأسباب خارجة عن إرداتها، فقد سبق أن اعتذرت المغرب خلال الدورة السابقة للقمة “27” عن تنظيمها أيضًا، مبررة ذلك بعدم توافر الظروف الموضوعية للخروج بقرارات تستجيب لتطلعات الشعوب العربية، وحينها رأى مراقبون أن المغرب اعتذرت بدافع شعورها بالمسؤولية عن تحقيق الحد الأدنى من شروط نجاح القمة التي لم تتحقق في العديد من القمم السابقة، وبالتالي رأت الرباط أن الدورة الـ”27″ للقمة ستكون مجرد عبء ثقيل دون تحقيق أي نتائج.
مع اعتذار المغرب عن تنظيم القمة في دورتها السابقة الـ27، آلت القمة حينها إلى موريتانيا، وبذلت نواكشوط كافة جهودها لإنجاح القمة، خاصة أنها جاءت في وقت تشتعل فيه أوضاع المنطقة العربية وتتغير فيها تحالفات العديد من الدول، وعلى الرغم من ذلك ظهرت القمة في النهاية بشكل مخز، وكانت البداية مع إعلان أن القمة ستعقد ليوم واحد فقط بدلًا من اثنين، بسبب حضور 7 قادة عرب فقط من بين قادة 22 دولة باستثناء سوريا التي بقى مقعدها شاغرًا منذ عام 2011، حيث حضر إلى نواكشوط رؤساء اليمن والسودان وجيبوتي والصومال وجزر القمر، وأمراء قطر والكويت، إضافة إلى رئيس الدولة المضيفة، محمد ولد عبد العزيز، فيما اعتذر العديد من الزعماء العرب عن الحضور للقمة، الأمر الذي دفع المراقبين لوصفها بأنها “قمة بلا زعماء” أو “قمة بلا قيمة”.
بعيدًا عن الأسباب التي دفعت المغرب أو اليمن للاعتذار عن تنظيم القمة، يبدو واضحًا أن القمة العربية أصبحت مجرد عبء مادي ثقيل على الدول العربية المُنظمة لها دون أي هدف أو نتيجة جديدة تخرج بها، فالقمة أصبحت مجرد صورة خادعه للترابط والوحدة والتضامن العربي، لكنها في الحقيقة باتت غير قادة على الوقوف صفًا واحدًا خلف إحدى الدول العربية المُفككة والتي تواجه أزمات مثل اليمن أو سوريا أو العراق أو ليبيا أو لبنان، كما أنها باتت أضعف من التعاون سويًا من أجل الخروج بقرار موحد حول أي من الأزمات الإقليمية، بل أصبحت قراراتها تفضح حالة الانقسام والتشرذم العربي، حتى إن القرارات السياسية والعسكرية العربية المهمة يتم اتخاذها خارج الجامعة العربية، ناهيك عن أنها باتت تذكي نار الفتنة والطائفية كذريعة لتصفية الحسابات، الأمر الذي يوحي بأن الكيان العربي أصبح مجرد هيكل عظمي هش يقف في مهب الريح يعبر فقط عن الذل والهوان العربي.

لاتزال الدول العربية غير قادرة على استيعاب أن القمة العربية وجامعه الدول العربية وكل الكيانات التي تجمع الدول العربية والإسلامية تحت راية واحدة لا تستمد قوتها من انعقاد مؤتمراتها في مواعيدها الرسمية، بل تستمد قوتها ووحدتها من قراراتها التي من المفترض أن تحل الأزمات العربية، وتقلص الهوة بين الدول وبعضها، وتقف صفًا واحدًا خلف الدول التي تعاني أزمات سواء سياسية أو اقتصادية أو أمنية، فضلًا عن الاهتمام بالقضية المركزية “فلسطين” التي أصبحت هامشية بالنسبة للعديد من هذه الدول، ومع غياب كل هذه الشروط اللازمة لإنجاح القمم العربية تغيب أهميتها أيضًا ويبقى التساؤل: لماذا تحرص الدول العربية على إقامة اجتماعات وقمم تعلم مسبقًا بفشلها؟.

عن ramez

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اليوم الـ195 للعدوان | تواصل المجازر وانسحاب من النصيرات

لليومِ الخامسِ والتسعينَ بعد المئة وَاصل العدوّ الصهيونيّ ارتكابَ المجازر بحقّ الشعب الفلسطينيِّ في قطاع ...